اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 425
جَهَنَّمَ كل فرقة منكم من باب منها على تفاوت طبقاتكم في موجباتها واسبابها وادخلوا انواع عذابها ونكالها حال كونكم خالِدِينَ فِيها مخلدين مؤبدين فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ جهنم البعد والخذلان التي هي مطرح اصحاب الطرد والحرمان
وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عن محارم الله وحفظوا نفوسهم عن العرض على المهالك الموجبة لسخط الله وغضبه ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ على نبيكم لتربية دينكم وتصفية مشربكم عن إكدار التقليدات والتخمينات قالُوا فرحين مسرورين قد انزل ربنا على رسولنا خَيْراً محضا في النشأة الاولى والاخرى اما في الاولى ف لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا اى للمؤمنين الممتثلين بأوامر القرآن والمجتنبين عن نواهيه فِي هذِهِ الدُّنْيا وعملوا الصالحات المقربة الى الله المؤكدة لإيمانهم وإحسانهم حَسَنَةٌ كاملة من العلوم اللدنية والمعارف المثمرة للمكاشفات والمشاهدات وَاما في الاخرى ف لَدارُ الْآخِرَةِ المعدة للفوز بشرف اللقيا والوصول الى سدرة المنتهى خَيْرٌ لهم من جميع الكمالات القصوى والدرجات العليا وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ المتحفظين نفوسهم عن الالتفات الى ما سوى الحق دار الآخرة
التي هي جَنَّاتُ عَدْنٍ متنزهات وحدة لاهوتية ومستقرات وجوب مصونة عن امارات الكثرة الامكانية المشعرة للاثنينية مطلقا يَدْخُلُونَها مجردين عن جلباب التعينات العدمية الناسوتية تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ المملوة من العلوم اللدنية المترشحة من بحر الجود المنتشئ من التجليات المترتبة على الأوصاف الذاتية الإلهية وبالجملة لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ من مقتضيات الأوصاف اللطفية الحبية الجمالية كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ ذو الفضل والقوة المتين عموم الْمُتَّقِينَ المائلين عن غير الله المعرضين عما سواه مطلقا الباذلين مهجهم في سبيله طوعا المنخلعين عن مقتضيات أوصاف بشريتهم رغبة وارادة واختيارا الصابرين على عموم ما جرى عليهم من القضاء تسليما ورضا
وهم الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ الموكلون عليهم في نشأتهم الاولى حال كونهم طَيِّبِينَ طاهرين عن خبائث الإمكان ورذائل الخذلان والخسران الناشئة من ظلمات الطبائع والأركان يَقُولُونَ اى الملائكة المأمورون لقبض أرواحهم عند قبضها سَلامٌ عَلَيْكُمْ ايها الصابرون في البلوى السائرون الى المولى ادْخُلُوا الْجَنَّةَ التي هي خير المنقلب والمثوى وفوزوا بشرف اللقيا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في النشأة الاولى من الاعراض عن مقتضيات الهوى ومن الرضا بالقضاء ومن الصبر على العناء والشوق الى الفناء والفوز بشرف البقاء واللقاء.
ثم قال سبحانه توبيخا وتقريعا على المشركين لْ يَنْظُرُونَ
وما ينتظرون أولئك التائهون في تيه الغفلة والغرورلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ
المأمورون لقبض أرواحهم الخبيثةوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ
يا أكمل الرسل اى يوم القيمة المعد لتعذيبهم وانتقامهم ذلِكَ
اى مثل إهمال هؤلاء الهالكين في امر الايمان قدعَلَ الَّذِينَ
مضوانْ قَبْلِهِمْ
في زمن الأنبياء الماضين
بالجملةا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ
المجازى لهم على مقتضى إساءتهم لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
اى يظلمون أنفسهم بعرضها على المهالك الموجبة لانواع العذاب والعقاب من تكذيب الرسل وانكار الكتب وترك المأمورات وارتكاب المنهيات
فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا عتوا وعنادا وَحاقَ وأحاط بِهِمْ جزاء ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ استكبارا واستنكارا
وَكيف لا قد قالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا من غاية انهماكهم في الغي والضلال وشدة انكارهم وشكيمتهم متهكمين على وجه الاحتجاج لَوْ شاءَ اللَّهُ الواحد الأحد المستقل في عموم الأفعال بالإرادة والاختيار على زعمكم عدم عبادتنا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 425